سر العبادة وغايتها
لماذا نعبد الله؟
عرفنا أن رسالة الإنسان في الوجود هي عبادة الله وحده…
وعرفنا أن العبادة هي غاية الخضوع الممزوج بغاية الحب لله…
وعرفنا أن العبادة ـ في الإسلام ـ تشمل الدين كله، وتسع الحياة بمختلف جوانبها.
وبقى هنا سؤال قد يسأله بعض الناس. وهو: لماذا نعبد الله تعالى؟
وبعبارة أخرى: لماذا فرض الله علينا عبادته وطاعته وهو الغنى عنا؟ وما الغاية من تكليفنا هذه العبادة؟ هل يعود عليه ـ سبحانه ـ نفع من عبادتنا له، وخشوعنا لوجهه؟ ووقوفنا ببابه، وانقيادنا لأمره ونهيه جل شأنه؟ أم النفع يعود علينا نحن المخلوقين؟ وما حقيقة هذا النفع إن كان؟ أم الهدف هو مجرد الأمر من الله والطاعة منا؟
والجواب: أنه ـ تبارك اسمه ـ لا تنفعه عبادة من عبده، ولا يضره إعراض من صد عنه.
وقد أخبرنا على لسان سليمان في القرآن: (قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر، ومن شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فإن ربي غني كريم) وقال تعالى: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد). وقال عز وجل في الحديث القدسي: "يا عبادي إنكم لم تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد ما زاد ذلك في ملكي شيئا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا".
وإذا كان الله سبحانه له هذا الغنى المطلق فلماذا إذن كلف عباده أن يعبدوه ويطيعوه؟
وأظن ـ بعد أن يعرف الإنسان جواب الأسئلة الخالدة: من أين، وإلى أين، ولم ـ أن من السهل أن يعرف جواب هذا السؤال. إنه كامن في طبيعة الإنسان نفسه، وطبيعة مهمته في الأرض، والغاية التي أعد لها من وراء هذه الحياة.